مصر تستخدم العصا الغليظة مع أزمة العملة

الجزيرة نت
صعدت الحكومة المصرية حملتها على السوق السوداء (الموازية) بموافقتها على مشروع قانون يغلظ عقوبة من يبيعون العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية.

وتتضمن التعديلات تغليظ العقوبات على من يخالفون القانون الخاص بتنظيم عمليات النقد الأجنبي، لتشمل الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون جنيه (112 ألف دولار) وخمسة ملايين جنيه (562 ألف دولار).

كما تتضمن عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات لكل من يتعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك أو الجهات المرخص لها بذلك، إلى جانب منح محافظ البنك المركزي سلطة تعليق ترخيص أي شركة صرافة لمدة عام.

ويبقي البنك المركزي سعر العملة مستقرا في البنوك عند 8.88 جنيهات مقابل الدولار، في حين ما زالت الفجوة تتسع بينه وبين السوق السوداء، حيث يقترب سعر الدولار من 11 جنيها رغم حملة الحكومة المتصاعدة على مكاتب الصرافة.

ويرى مصرفيون وخبراء اقتصاد أن هذا القانون إذا ما جرى العمل به قد يؤثر سلبا على تجار العملة في السوق السوداء، لكنه لن يحد من تدهور الجنيه المصري.

حملة استباقية
يقول حسام عبد الله -وهو تاجر بالسوق السوداء- إن الحكومة كثفت حملتها ضد شركات الصرافة الصغيرة، "حيث قامت خلال الأيام الماضية بإغلاق قرابة عشرين شركة صرافة دون انتظار إقرار القانون".

قيمة العملة المصرية تدهورت في الفترة الأخيرة بوتيرة غير مسبوقة (الجزيرة)

وتابع في حديثه للجزيرة نت "الحكومة بدأت في ممارسة إجراءات تعسفية في سوق العملة بشكل عام، وفي حال إقرار هذا القانون فإن ذلك لن يقلل من سعر الدولار، مشكلة الدولار ليست في السوق السوداء وإنما في توفير الموارد الدولارية".

ومضى قائلا "العقليات التي تدير جهاز الدولة خانها التقدير حين ظنت استطاعتها فرض أمر واقع على سوق العملة دون العمل الحقيقي لمعالجة الأزمة، فمن الصعب تطبيق القانون لأن كل صاحب شركة صرافة أقام كيانا موازيا له في الظل"، مؤكدا أن "حركة السوق لا يمكن لأحد التحكم فيها مهما فعل".

ولا يقصد أغلبية الراغبين في شراء الدولار أو بيعه القنوات الرسمية، حيث لا يجدون مرادهم، وإنما يسعون إلى تجار العملة بالسوق السوداء من خلال عدد كبير من محلات الصرافة التي بات لها نشاط مواز، كما أن عددا من هؤلاء التجار يعرضون خدماتهم للشركات التي لها تعامل دائم بالدولار.

ويرى مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين أن "موافقة الحكومة على هذا القانون تعكس وجود أزمة كبيرة وتكشف عدم وجود فوائض من الدولار لدى الدولة تستطيع من خلالها تغطية حاجة السوق".

تداعيات سلبية
ويضيف شاهين أن "الأزمة لا يمكن أن تحل بهذه الطريقة، لوجود عجز مزمن نتيجة غياب الموارد الدولارية، وهذا القانون تداعياته سلبية على المستثمر الأجنبي الذي لمس بنفسه خلال الفترة الماضية عجز البنك المركزي في تحقيق مطالبه بتوفير الدولار".

شاهين: هذا القانون يكشف عن غياب فوائض من الدولار لدى الدولة (الجزيرة)

وتابع قائلا "تذبذب سعر الدولار سيمنع المستثمر من تحديد قدر أرباحه المتوقع، وهو ما سيدفعه للهرب من السوق، وسيكون لذلك أثر سلبي بارتفاع الأسعار وتقليل فرص العمل".

ويرى أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية أشرف دوابة أن هذا القانون "يأتي ضمن القرارات العسكرية التي تصدر باسم البنك المركزي في اعتقاد بأنها من الممكن أن تساعد في حل أزمة الدولار بها وهو ما لا يمكن حدوثه".

وتابع للجزيرة نت "الدولة لن تستطيع دخول بيوت الناس ولن يكون للقانون تأثير على سعر الجنيه المصري بل أتوقع أن يستمر سعر الدولار في الارتفاع طالما لم تتوفر موارده ولم تتم إعادة هيكلة البنية الأساسية للإنتاج وتحقيق الاستقرار في مصر".