توقعات بنمو تدريجي في أسعار النفط .. 60 دولارا في المدى المتوسط

صحيفة الاقتصادية السعودية

يتفق بنك "باركليز" مع طرح بنك "أوف أميركا ميريل لينش" بشأن أسعار النفط الخام على المدى المتوسط، التي ستتركز حول 60 دولارا للبرميل.
وأشار "باركليز" إلى أن السوق النفطية لا تزال تعاني التقلبات الشديدة، التي حدثت العام الماضي، خاصة في الربع الأخير، حيث قفز خام برنت إلى نحو 86 دولارا للبرميل في أول أكتوبر الماضي ليهبط إلى نحو 50 دولارا للبرميل في غضون أسابيع لاحقة.
وأوضح تقرير حديث لبنك "باركليز" أن هذا لا يعني أن مستويات التذبذب ستستمر لافتا إلى حدوث كثير من التغييرات في هيكل العرض والطلب، وهو ما يعني أن هذه التقلبات "المحدودة" في السوق ستصبح أقل كثافة واستمرارية.
وأرجع تقرير البنك الاستثماري محدودية التقلبات السوقية إلى سببين أساسيين، أولهما أنه لن يكون هناك أي اختلال رئيسي في العرض في المستقبل المنظور وثانيهما زيادة مرونة العرض بشكل كبير.
وأضاف أن الزيادات الهائلة في الإنتاج من النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة أدت إلى زيادة الإمدادات بكميات وفيرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في الإنتاج الأمريكي، في المقابل، من المتوقع أن ينمو إنتاج البرازيل خلال الفترة المقبلة.
وذكر التقرير أنه بناء على عدد المشاريع التي بدأت على مدى السنوات القليلة الماضية وتوقعات الإنتاج القادم من مشاريع مستقبلية، فإنه من المرجح أن يلبي العرض الطلب بسهولة، وهو أحد الأسباب التي ستجعل الأسعار أكثر استقرارا في المستقبل، ولن نرى ارتفاعا مفاجئا في الأسعار بسبب عدم كفاية العرض وحده.
ورجح البنك في تقريره أن ترتفع أسعار الخام، ولكن بشكل بسيط وبطيء مع مرور الوقت، لافتا إلى أن هناك عوامل قليلة تدفع الأسعار للارتفاع خلال السنوات المقبلة، أولها أنه من المتوقع تباطؤ نمو النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، وثانيها ارتفاع احتياطي الخام المثبت 50 في المائة على مدى السنوات الـ20 الماضية.
ورجح التقرير ارتفاع الأسعار في السنوات المقبلة، ولكن ليس بطريقة دراماتيكية، أي أن المكاسب ستكون متواضعة لكنها على أية حال ليست متقلبة، كما كانت في الماضي.
إلى ذلك، قال لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، إن الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري أحد مسببات الوفرة الحالية في الأسواق، ولكنه لا يستطيع الاستمرار على نفس الوتيرة لفترات طويلة، خاصة أن طبيعة مشروعاته تتسم بأنها قصيرة الأجل إلى جانب ارتفاع تكلفة الإنتاج في عديد من المناطق، بالرغم من التطور التقني المتلاحق في أنشطة الحفر.
وأشار كيندي إلى أن المنتجين التقليديين وبخاصة في «أوبك» سيظل دورهم قياديا ومحوريا في السوق خاصة في ظل قدرتهم على الاستثمار في ظل مستويات منخفضة للأسعار، علاوة على تركيزهم على المشروعات الكبيرة طويلة المدى والتي تؤمن مستقبل الصناعة لسنوات مقبلة.
ومن جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، أن جهود استعادة الاستقرار السوقي تسير على قدم وساق بسبب التعاون والشراكة المتميزة التي تجمع بين دول «أوبك» والمستقلين، في ظل التنسيق الواسع بين السعودية وروسيا، ورغبة الجانبين في إضفاء الطابع المؤسسي والاستراتيجي على التعاون المشترك، وقد يتبلور ذلك خلال اجتماع نيسان (أبريل) المقبل في فيينا.
ولفت لديسما إلى وجود توافق ليس فقط بين المنتجين، بل أيضا على مستوى المنتجين والمستهلكين بشأن الحاجة إلى استقرار السوق وبقاء الأسعار في مستويات متوسطة وملائمة تدفع إلى النمو الاقتصادي ولا تعطله، معتبرا أن مخاوف النمو ما زالت قائمة بقوة في ظل عدم حسم النزاعات التجارية الأمريكية- الصينية ووجود خلافات تجارية أخرى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومن ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن الطلب على النفط يتمتع بمستويات جيدة وصحية، على الرغم من التقلبات النسبية خاصة فيما يتعلق ببيانات الصين الصناعية والتجارية ولكن معدلات نمو الطلب ما زالت إيجابية خاصة في الأسواق الناشئة.
ورجح كروج أن تقل التقلبات السعرية خلال الفترة المقبلة، وأن تنجح جهود المنتجين في التغلب على تأثير العوامل الجيوسياسية والركود الاقتصادي ودفع السوق نحو التوازن المستدام وتعزيز علاقة جيدة بين العرض والطلب دون فجوات خاصة مع الاستجابات السريعة لتقلبات الأسعار، سواء من قبل المنتجين التقليديين الذين يديرون السوق أو من جانب الإنتاج الأمريكي الذي يتفاعل سريعا مع صعود وهبوط الأسعار.
من جهة أخرى، حامت أسعار النفط أمس قرب أعلى مستوياتها لعام 2019، مدعومة بتخفيضات المعروض التي تقودها "أوبك" والعقوبات الأمريكية على فنزويلا وإيران، لكن تباطؤ الاقتصاد العالمي حال دون صعودها أكثر.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط عند 57.39 دولار للبرميل، بزيادة 23 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة وفق أحدث تسوية لها، وقريبة من ذروة 2019 عند 57.55 دولار المسجلة في اليوم السابق.
وسجلت عقود خام القياس العالمي برنت 67.20 دولار للبرميل، بزيادة 12 سنتا أو 0.2 في المائة عن أحدث إغلاق، وغير بعيدة عن ذروتها لعام 2019 المسجلة في اليوم السابق عند 67.38 دولار للبرميل.
ويرى المحللون أن تباطؤ الاقتصاد العالمي يمنع الأسعار من تجاوز مستويات الذروة المسجلة هذا الأسبوع.
وقال بنجامين لو المحلل لدى "فيليب فيوتشرز" في سنغافورة، إن "تباطؤ النمو الاقتصادي سيفضي حتما إلى ضعف في استهلاك الوقود مما يتسبب في تآكل المكاسب القوية لأسعار النفط".
وأعلن معهد البترول الأمريكي أمس عن زيادة مخزونات النفط في الولايات المتحدة 1.3 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في الـ15 من شباط (فبراير)، بينما أشارت توقعات المحللين إلى ارتفاع قدره 3.5 مليون برميل.
وعلى النقيض، انخفضت مخزونات البنزين 1.6 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي في حين تراجعت مخزونات نواتج التقطير – التي تشمل وقود التدفئة والديزل – بنحو 758 ألف برميل.