مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
إنتاج النفط الفنزويلي ينخفض بشكل مطرد، الاتفاق النووي مع إيران مهدد بالفشل، "أوبك" لا تظهر أي علامة على إنهاء التخفيضات، الطلب على النفط قوي. الإنتاج من خارج "أوبك" يرتفع، وحرب التجارة العالمية تبدو وشيكة. جميع هذه تعد أسبابا لتقلبات كبيرة في أسعار النفط. مع ذلك، السمة السائدة الأكثر في الأسواق في الوقت الحاضر هي هدوء نسبي.
منذ أن بدأت "أوبك" وشركاؤها خفض الإنتاج في كانون الثاني (يناير) 2017، كان أكبر فرق سعر في الشهر 7.17 دولار للبرميل. في العام الذي سبقه، كان أكثر من عشرة دولارات. في عام 2016، كان متوسط الفرق الشهري هو 6.75 دولار للبرميل. في عام 2015، 7.72 دولار، وفي عام 2014، 7.17 دولار. منذ التخفيضات، كان المتوسط 4.9 دولار فقط. الفضل يعود إلى "أوبك"، حيث تحدثت المنظمة عن "استقرار الأسعار". لقد فعلت ذلك، وفي الوقت نفسه عملت على تعافي الأسعار أيضا.
كلا العنصرين ضروريان، لأنه مع استمرار ارتفاع الطلب، يجب أن يتم الاستثمار في المشاريع الاستخراجية أيضا، والشركات تحتاج إلى الثقة لإنفاق مزيد. تقول وكالة الطاقة الدولية، إن معدلات تراجع الحقول تزيل الآن نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا من الإمدادات كل عام، وهو ما يعادل إنتاج بحر الشمال. لذلك، يجب على الصناعة القيام بالمزيد. مع ذلك تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الإنفاق في عام 2018 بنسبة 6 في المائة فقط، بعد انخفاضه بنسبة 25 في المائة في عامي 2015 و 2016. في هذا الجانب، يقول الأمين العام لمنظمة أوبك، إن انخفاض الاستثمار في السنوات الأخيرة قد يهيئ الأجواء لأزمة في العرض في المستقبل القريب. لذلك، من الواضح أن استقرار، وبعض الارتفاع في الأسعار، مرحب بهما، شريطة أن تترجم إلى التزامات جديدة في المشاريع الاستخراجية. لكن، هل يمكن أن يدوم هذا الهدوء؟
تبدو حركة المخزون تدعم ذلك. بعد 15 شهرا من تخفيضات الإنتاج من قبل "أوبك" وشركائها، تراجع الفائض إلى حد كبير. في هذا الجانب، قالت وكالة الطاقة الدولية، إن الفائض في مخزون منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسط خمس سنوات، انخفض إلى 53 مليون برميل فقط في كانون الثاني (يناير)، مقارنة بـ 302 مليون برميل في العام الماضي. وقد صرحت "أوبك" أنه في حدود 50 مليون برميل، وقالت إن المخزون الاحتياطي عند 60 يوما كان 0.6 يوم دون متوسط السنوات الخمس. في الوقت الحالي، قد تكون الأسواق أخيرا في حالة توازن، حيث يتساوى العرض مع الطلب. سيساعد هذا التوازن التقريبي في تفسير سبب وجود أسعار برنت في نطاق تداول يراوح بين 64 و 66 دولارا للبرميل في آذار (مارس).
كما أن معنويات السوق تقف أيضا وراء استقرار الأسعار. على الرغم من الشكوك المستمرة حول التزام روسيا، فإن المملكة العربية السعودية مصرة على أن التخفيضات ستستمر. في هذا الصدد، التقى مسؤولون من المملكة مع صناديق التحوط في نيويورك أخيرا لتسليم تلك الرسالة. لن تكون هناك سياسة عكس ذلك ولا خروج مبكر من التخفيضات.
مع ذلك، هناك ثلاثة تهديدات واضحة لهذا الجهد. أولا، تستمر "أوبك" في التقليل من أهمية نمو الإمدادات من خارج المنظمة. حيث تنبأ تقرير السوق الأخير للمنظمة بارتفاع الإنتاج من خارجها في 2018 بنحو 1.66 مليون برميل في اليوم، أي تقريبا ضعف توقعاتها في تشرين الثاني (نوفمبر)، ولكن لا تزال توقعاتها دون مستوى الإجماع. تقول إدارة معلومات الطاقة، إن الولايات المتحدة بمفردها ستضيف مليوني برميل يوميا "و2.5 مليون برميل يوميا من خارج أوبك ككل". هذا فرق شاسع: من وجهة نظر "أوبك"، ستكون السوق متوازنة هذا العام، حيث يزداد الطلب بحجم الزيادة نفسها في الإنتاج من خارجها. في حين من وجهة نظر إدارة معلومات الطاقة، سيزيد العرض من خارج أوبك على الطلب بمقدار 800 ألف برميل في اليوم، وستبدأ المخزونات العالمية بالارتفاع بمعدل 420 ألف برميل في اليوم.
ثانيا، الطلب على النفط. تشير التوقعات من وكالة الطاقة الدولية، إدارة معلومات الطاقة و"أوبك"، إلى نمو الطلب في نطاق ضيق نسبيا، من 1.5 إلى 1.7 مليون برميل في اليوم. في حين يتوقع آخرون، مثل بيرا وباركليز، أن يرتفع الاستهلاك بنحو مليوني برميل في اليوم. النمو الاقتصادي المتزامن في جميع أنحاء العالم يشير إلى قوة الاستهلاك. لكن الحرب التجارية المحتملة ولدت بعض عدم اليقين. في كلتا الحالتين، لن تعرف الأسواق مدى قوة الطلب إلا بعد الحدث.
التهديد الثالث هو، أن منظمة أوبك حققت نجاحا كبيرا، الأمر الذي منح المستثمرين الثقة لبدء موجة جديدة من قرارات الاستثمار النهائية. هذا ليس وشيكا، ولكن مع نمو الثقة باحتمالية بقاء أسعار برنت حول 70 دولارا للبرميل، ستعود المشاريع الكبيرة. يمكن لمشاريع النفط الصخري أن تتراجع في فترات ضعف الأسعار. لكن ليس هو الحال بالنسبة لمشاريع الرمال النفطية، والمياه العميقة، أو غيرها من المشاريع طويلة الأمد. قد تقول منظمة أوبك، إنها قلقة من قلة الاستثمار في الصناعة، ولكن اندفاعا آخر في الإنفاق على المشاريع الكبيرة سيكون بمنزلة عائق على الأسعار إلى أجل غير مسمى.
على المدى القريب، ستواجه السوق اختبارات الإجهاد من جانب العرض، ومن داخل "أوبك" نفسها. يبدو أن انهيار الصفقة النووية الإيرانية وشيك. في هذا الجانب، يقول باركليز، إن التهديد بانهياره قلص بالفعل بعض شحنات النفط الإيرانية. إذا ما تم إلغاء الاتفاق، فسترتفع أسعار النفط في توقع انقطاعات كبيرة في الإنتاج، وستبدأ فترة أخرى من التدهور الجيوسياسي. وبالمثل، فإن الانخفاض المطرد في الإنتاج الفنزويلي سيهدد توازن السوق. حيث انخفض إنتاجها إلى 1.55 مليون برميل في اليوم في كانون الثاني (يناير)، وتقول وكالة الطاقة الدولية إنه قد يتراجع إلى أقل من 1.4 مليون برميل في اليوم في وقت قريب. إن سوقا أكثر تشددا ستتفاعل حتما مع تضاؤل المعروض من النفط الثقيل.
المفارقة هي أن هذا التقلب في العرض والطلب، الذي يمثله إنتاج النفط الصخري سريع النمو، والخسائر الكبيرة من فنزويلا، وتصاعد المخاطر السياسية مع إيران، وتوقعات نمو الطلب الواسعة النطاق، سيوجد حالة من الجمود في الأسعار. الخسائر قد تلغي فقط نمو العرض، المستهلكون المتعطشون قد يمتصون الفائض. هذه هي نظرية عمل السوق الكلاسيكية، بجانب دور منظمة أوبك. وعند أسعار حول 70 دولارا للبرميل، ربما تكون السوق قد وجدت السعر المناسب، بالمصادفة قد يكون هذا السعر مقبولا من جانب المنتجين والمستهلكين.