مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
لقد كانت 2018 سنة أخرى من التقلبات بالنسبة إلى صناعة النفط والغاز، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات كانت أكثر شيوعا قبل عام 2014، قبل أن تنخفض في تشرين الثاني (نوفمبر) مع تزايد المخاوف من زيادة العرض العالمي، في خضم انكماش النمو الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، بالنسبة إلى معظم السنة قبل ذلك التاريخ، كان الاتجاه السائد هو ارتفاع الأسعار بشكل مطرد.
في الثالث والعشرين من حزيران (يونيو)، تعهد وزراء "أوبك" في اجتماعهم نصف السنوي بزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا. وبالفعل شهدت فترة ما بعد الاجتماع زيادة سريعة في العرض من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها الرئيسيين في منظمة أوبك، ما ساعد على تعويض انخفاض الإنتاج الليبي، الفنزويلي والإيراني. ضاعفت المملكة من تطميناتها للأسواق بأنها سترفع الإنتاج للتأكد من عدم حدوث أي نقص في الإمدادات. في هذا الجانب، سلط وزير الطاقة السعودي الضوء على مكانة المملكة الفريدة في إمكانية توفير كل طاقتها الاحتياطية في وقت قصير. حتى روسيا، التي كانت حتى ذلك الحين ملتزمة إلى حد كبير باتفاق خفض الإنتاج، بدت وكأنها غيرت من لهجتها. حيث دعت إلى تخفيف القيود على الإمدادات وسط مخاوف بشأن تأثير الأسعار عند مستوى 80 دولارا للبرميل أو أكثر على الطلب العالمي. لقد لعبت السياسات دورا رئيسيا في تشكيل أسواق النفط في عام 2018. نتائج اجتماع "أوبك" في حزيران (يونيو) طغت عليها المخاوف من أن إعلان الرئيس الأمريكي عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران قد يؤدي إلى فقدان العرض أكثر من التوقعات الأولية التي كانت في حدود 500 ألف برميل في اليوم. وبالفعل، بدأت الأسواق تأخذ في الحسبان تراجعا حادا في الإنتاج الإيراني قبل الموعد النهائي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، عندما تبدأ العقوبات الكاملة على إيران مرة أخرى. ومع ظهور فنزويلا في حالة انهيار، وغيرها من الدول المنتجة في "أوبك" مثل أنجولا التي تعاني ضعف الأداء، بدأ شبح نقص الإمدادات يهز الأسواق.
يبدو أن كل هذا مهد الطريق لضخ مزيد من الإمدادات إلى الأسواق من قبل "أوبك" وحلفائها. حيث كشفت أرقام الإنتاج التي تم إبلاغها إلى أمانة "أوبك" أن السعودية بدأت في رفع إنتاجها حتى قبل اجتماع "أوبك" في حزيران (يونيو) 2018. رفعت المملكة إنتاجها إلى 10.5 مليون برميل في اليوم في حزيران (يونيو)، بزيادة قدرها 500 ألف برميل في اليوم عن أيار (مايو). ومع تزايد تدفق المعروض، استعد المستهلكون لظهور إشارات الأسعار الهبوطية من جديد. غير أن الأحداث التي وقعت خلال فصل الصيف أثبتت أن أسواق النفط لا يمكن التنبؤ بها أبدا. في تموز (يوليو)، بلغ متوسط إنتاج دولة الإمارات العربية المتحدة 2.98 مليون برميل في اليوم، بزيادة 85 ألف برميل في اليوم مقارنة بالشهر السابق و110 آلاف برميل في اليوم أكثر من أيار (مايو). وفي الكويت، ارتفع إنتاج النفط الخام بمقدار 80 ألف برميل يوميا في شهر تموز (يوليو) إلى 2.8 مليون برميل يوميا، ووصل إنتاج النفط الخام العراقي إلى أعلى مستوى له في 13 شهرا في تموز (يوليو) عند 4.46 مليون برميل في اليوم. وخارج "أوبك" زادت روسيا إنتاجها من النفط الخام في نفس الشهر بنحو 250 ألف برميل في اليوم مقارنة بمستويات حزيران (يونيو).هذه التحركات سلطت الضوء على محدودية الخيارات المتاحة للإمدادات الجديدة. حيث إن ليبيا ونيجيريا تنتجان بكامل طاقتهما، الإنتاج الفنزويلي في انخفاض مستمر، إمكانية فرض عقوبات جديدة ضد إيران، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة. لذلك المصادر الرئيسية الوحيدة لنمو المعروض على المدى القصير، لمعالجة انخفاض الإنتاج العالمي والطلب العالمي القوي، هي السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، روسيا، والنفط الصخري الأمريكي.
في هذه الأثناء، بدأت صادرات إيران وإنتاجها في الهبوط خلال فصل الصيف، ما يشير إلى أن الضغط الناجم عن العقوبات الأمريكية كان له تأثير مسبق في المهلة التي حددتها الولايات المتحدة في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) لاستئناف العقوبات بالكامل. وفي آب (أغسطس)، صدرت إيران ما يزيد قليلا على مليوني برميل يوميا في النفط الخام والمكثفات، وفقا لنشرة بلومبرج، وهو أدنى مستوى منذ آذار (مارس) 2016، وانخفضت صادراتها بنحو 28 في المائة منذ نيسان (أبريل) 2018.
في الولايات المتحدة، كان إنتاج النفط يتحرك صعودا، حيث وصل إلى 11 مليون برميل في اليوم في أواخر آب (أغسطس)، ما جعلها على مقربة من أن تصبح المنتج الأول في العالم. ونمو العرض في الولايات المتحدة حاليا هو أسرع من أي وقت خلال ثورة النفط الصخري بين عامي 2011 و2015. ومن المتوقع أن يتجاوز إنتاج النفط الخام الأمريكي 12 مليون برميل يوميا بحلول نهاية عام 2019.
ومع ذلك، بحلول شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، تبدد كثير من الديناميكية الصعودية التي ميزت أسواق النفط في عام 2018. فاجأت سرعة انخفاض الأسعار كثيرين. وبحلول 23 تشرين الثاني (نوفمبر)، كان تداول برنت عند مستوى 61 دولارا للبرميل فقط، وهو أدنى مستوى منذ أوائل شهر كانون الأول (ديسمبر) 2017. وعلى أساس شهري، كان هذا يمثل انخفاضا بمقدار 30 في المائة من ذروة شهر تشرين الأول (أكتوبر) التي وصلت إلى أكثر من 86 دولارا للبرميل. وفي الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) هبطت أسعار برنت دون 60 دولارا للبرميل.
السبب وراء انخفاض الأسعار كان بسيطا جدا: زيادة العرض. أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) أن مخزونات الخام الأمريكية ارتفعت 4.9 مليون برميل من الأسبوع السابق إلى 446.9 مليون برميل، وهو أعلى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2017. ويكمن جوهر المشكلة في أن مخزونات النفط العالمية لا تزال في ارتفاع في الربع الأخير من عام 2018، حتى في الوقت الذي فيه العرض العالمي يفوق الطلب بسرعة. هذه المؤشرات الهبوطية دفعت السعودية للتدخل. في تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلنت المملكة عن خفض 500 ألف برميل في اليوم في كانون الأول (ديسمبر) في محاولة منها لوقف تدهور الأسعار.
وبحلول نهاية العام، كان حتى محللو السوق الأكثر تفاؤلا يقومون بإعادة تقييم توقعاتهم التصاعدية. لكن كثيرين ما زالوا يرون أنه من المحتمل أن تنتعش أسعار النفط من المستويات المنخفضة التي شهدتها في نهاية عام 2018. كانت عمليات البيع الكبيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مدفوعة إلى حد كبير بتدفق العرض الأمريكي وردود فعل إيجابية في السوق على إصدار حكومة الولايات المتحدة لإعفاءات العقوبات إلى ثمانية مستوردين رئيسيين للخام الإيراني. لا يزال كثيرون يتوقعون زيادة في أسعار النفط في عام 2019. لكن الزمن وحده كفيل بإثبات أن هذه التوقعات صحيحة.