مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
هكذا نشاءنا وتعلمنا وتربينا أن نكون من الناس وإليهم ولم نميز أنفسنا عليهم يوم ما بل تجدنا دائمآ معهم وفي خدمتهم لا نكل ولا نمل ولا نتضجر أبدأ و في كل الظروف والأحوال تربينا وجبلنا على حب الناس على العشرة الطيبة والمرؤه والجميل والألفة والجيرة الطيبة والتعاون ربما لأن كانت ظروفنا في تلك الأيام أفضل من كثير من الأسر بحكم أن جدي كان يعمل صرنج أبان حكم الإستعمار البريطاني لمدينة عدن وضواحيها والصرنج هو الرجل أو الشخص المسؤول عن المقادمه والذين كانوا يعملون في ذلك الوقت في البحر وفي الفحم والملح وكان جدي هو المسؤول عن توظيف وتشغيل العماله القدامه من الأرياف الجنوبية وكذا العماله القادمة من قرى ومناطق الشمال وكان لجدي مكتب خاص به في مدينة التواهي للأمانات والودائع والرسائل والحولات لكل من كان يقدم من الأرياف والقرى إلى مدينة عدن باحث عن الرزق والعمل هده ما عرفته من والدي واعمامي والناس القدماء في مدينة عدن بعد أن كبرنا وبدءنا نسأل ونتعرف عن تاريخ الأباء والأجداد كما أن والدي كان يعمل بحار وفي البواخر والشركات الأجنبية وكان دائمآ مسافر في رحلات عمل تابع لتلك الشركات الأجنبية.
وكنت ألاحظ كثير من القادمين من الأرياف والقرى الجنوبية بعد وفاة جدي يأتون لزيارتنا وكان والدي واعمامي يستقبلونهم بكل ود وترحاب ويقومون بخدتهم ومساعدتهم خاصة وأنهم أغراب عن مدينة عدن.
ليس هذا فحسب بل كانت بيوتنا مفتوحة لكل جيراننا ولكل الفقراء والمحتاجين حتى من العابرين سبيل وهده ليس ميزة أو خصيصة لأسرتنا فقط لا بل كانت خصيصة وميزه تميزت بها كل الأسر العدنية العريقة والبسيطة وكانت تلك هي سجاياهم وعادتهم وطباعهم التي تجذرت وتأصلت فيهم وإلى يومنا هذا رغم كل المنعطفات والظروف والأحداث والمتغيرات التي طرأت على عدن وابناءها.
ومانحن بصدده اليوم أن الناس لازلت تطرق أبوابنا وهذا ما يسعدنا ويثلج صدورنا أن الناس لازالت على عهدنا وعهدها ونحن اليوم كلنا من جيل الأبناء نتوارث تلك العلاقة الطيبة والمعاملة الحسنة برغم مانمر به من ظروف اقتصاديةوسياسية ومجتمعية قاسية ومعقدة وماجعلني أكتب وأتحدث عن تاريخ قديم لتلك الأسر العدنية العريقة ونحن جزء منها هو ذلك الشخص الذي جاءني وأنا خارج من المسجد بعد صلاة العصر وشكى لي همه وظروفه وما صار لمدينة عدن من تغيرات في كثير من الأمور والاحوال في حياة الناس والمجتمع فيها وكلنا يعرف ويعلم ما صار لعدن وابناءها من غير الولوج في الشرح والتفاصيل.
المهم طلب مساعدتي له كونه يعامل في إخراج جواز ولكن اليد القصيرة وعدم المعرفة جعلته يتابع ويجري لأيام وشهر من أجل الحصول على الجواز تصوروا أنه وصل به الحال اليوم إلى أنه لا يستطيع الذهاب إلى الجوازات ولا حتى مجرد الإتصال لأي حد لأنه بإختصار شديد لا يملك نقود وحتى مصروف يومه وهذا حال ناس كثير بسبب ارتفاع العملة والمضاربة بها وغلاء المواد الغدائية والإستهلاكية وعدم صرف الرواتب في وقتها وانقطاعها لأشهر وارتفاع أسعار الوقود والمواصلات مما ضاعف هموم ومعاناة الناس في مدينة عدن إلا إنهم لا يزالون على الود والعهد القديم تربطهم بنا الثقة والعشرة والعلاقة الطيبة على مدى تاريخ قديم ضارب جذورة في أعماق هذه المدينة المدنية الطيبة التي احتضنت بين جوانحها كل الأجناس والأديان والأعراق بكل بحب وطمأنينة وأمن وسلام وستظل عدن وناسها وأهلها الطيبين ايقونة هذا الزمان وحكاية حب وعشق وسلام تروى وتحكى للأجيال رغم أنهم اثخنوها بالألام والجريح والجحود ونكران الجميل وسنظل على عهدنا من الناس وإليهم حتى نلقى الله.
#المريسي.