وزير الصناعة والتجارة في لقاء خاص مع التنمية برس: قمنا بإنشاء وحدة تشجيع الصناعات التي تستخدم الطاقة المتجددة
▪︎ نعمل على حماية واستدامة المخزون الغذائي للبلاد. وضبط معادلة المخزون الاستراتيجي ▪︎ إيم...
على عكس بقية النساء، اختارت أم فراس ممارسة مهنة هي في العادة مرتبطة باسم الرجل، متحدية نظرات المجتمع الذي يرى عملها أمراً غير مألوف.
تحملت أم فراس، مسؤولية ابنائها بعد انفصالها من زوجها قبل سبع سنوات، واصبحت هي الأم والأب بنفس الوقت لأبنائها، متحملة كافة مسؤولياتهم.
تقول أم فراس :”دفعتني هذه المسؤولية إلى البحث عن عمل، ففكرت حينها بإنشاء مشروع صغير أتمكن من خلاله إطعام ابنائي ودفع الإيجار وتوفير كافة مستلزمات الحياة”.
في وسط شارع المغتربين بمدينة تعز، يقع إنجاز مشروع أم فراس. كافتيريا صغيرة لا تتعدى مساحتها ثلاثة أمتار، تقدم الوجبات الخفيفة والعصائر الطازجة.
مطبخ البوفية عالمها المتواضع .. صنعت حلمها وتثابر من اجل تقديم خدمة متميزة للزبائن
المارة من جانب المحل، يتفاجؤون حينما يرون على غير العادة امرأة شابة تعمل بداخل الكافتيريا.
ليست المشكلة في عمل المرأة وانما في نوعية العمل، فقد وجد المجتمع نساء كثر يعملن مباشرات في مطاعم وتحديدا “في قسم العوائل”، وفي محلات التصوير والصرافة وغيرها من الأماكن، لكن أن تعمل المرأة في كافتيريا .. فهو أمر غريب جدا على الناس في مدينة تعز.
اختارت ام فراس فكرة العمل في كافتيريا، كونها تحب الطبخ فقامت بعرض هذه الفكرة لأقربائها، وهي ربما الخطوة الأهم، واجتازت بنجاح تلك الخطوة.
تضيف أم فراس :”جميع افراد أسرتي وافقوا على مشروعي بل تعدى الدعم المعنوي الى الدعم المادي عندما قام شقيقي الاكبر بمساعدتي بمبلغ مالي زهيد”.
لم تكن مساعدة شقيق أم فراس المادية كافية، فاضطرت إلى الاستدانة وباعت ما تملك لتنفيذ مشروعها الذي كانت تأمل من خلاله الا تحتاج او تمد يدها لأي شخص آخر .
توجهت أم فراس قبل أن تستدين، إلى بعض الجمعيات التي تدعم المشاريع الصغيرة إلا أنها انصدمت “بالشروط التعجيزية” لتلك الجمعيات حد وصفها، فقررت الاعتماد على نفسها في توفير رأس المال.
في بادئ الأمر، افتتحت أم فراس مشروعها في شهر يوليو ٢٠١٨ وفي حي متفرع من شارع جمال، إلا أن المشروع لم يؤتي مردوده بعد أشهر من العمل والجد، حيث أنها لم تتمكن من توفير حتى ايجار المحل، وكانت تضطر حينها إلى الاستدانة لتغطية الإيجار، ويعود السبب حد قولها إلى سوء اختيار موقع المشروع.
وعلى الرغم من تلك الظروف الصعبة، إلا أن أم فراس لم تستسلم فقررت نقل الكافتيريا الى حي آخر، واختارت موقعا جوار احدى المستشفيات الأمر الذي ساعد في زيادة حركة عملها إلى حد ما.
تقول أم فراس :”الأرباح لا تزال قليلة جدا مقارنة بخرجيات العمل، إلا أني لن استسلم”.
لن استسلم
تخرجت أم فراس من قسم الدراسات الإسلامية في جامعة تعز بتقدير جيد عام 2013، كما انها تملك شهادة دبلوم سكرتارية ودورات في الخياطة والكوافير، وقدمت ملفها لأكثر من جهة حكومية وخاصة، لكن الحظ لم يحالفها في الحصول على وظيفة حتى اليوم.
تحملت ام فراس المسؤولية في سن مبكرة فقد تزوجت بعمر السادسة عشر، وهذا الأمر ضاعف عليها الاعباء والالتزامات، وكل ذلك شجعها على العمل في مشروعها الخاص.
لم يتقبل المجتمع فكرة عملها في الكافتيريا تقول ام فراس، إنها واجهت الكثير من مواقف السخرية ونظرات الدهشة الممزوجة بالاتهام:”
” الفاصوليا ” ، احدى الوجبات التي تصنعها ام فراس بنكهة تجمع بين مذاق البيت والمطعم
:”بعض الزبائن تجرأوا على سؤالي كيف لي أعمل في كافتيريا وأنا امرأة، فهم يرون ان هذا العمل يكسر خطوط عريضة رسمتها الاعراف والتقاليد السائدة .. مما جعل البعض يتمادى في وصفي بقوله انتي ما تستحيش “.
كل ذلك لم يمنع أم فراس من الاستمرار والصمود امام كل الضغوط المجتمعية ونظرات المارة وتحرشاتهم اليومية .
تتابع ام فراس :”كنت اشعر اوقاتا كثيرة بالضعف وافكر بالاستسلام وترك العمل، لكن سرعان ما يزول هذا الشعور بمجرد التفكير بأولادي الاربعة .. ومن سيعولهم ويصرف عليهم ويعلمهم، ومن سيدفع ايجار المنزل الذي يؤوينا وهو ثلاثون الف ريال .. فأعود للعمل بهمة اكبر وعزيمة اقوى”.
بكل جد تعمل أم فراس بمفردها، فهي تباشر الزبائن وتطبخ وتصنع العصائر وتحاسب وتشتري بنفسها اغراض ومتطلبات الكافتيريا، لتكون نموذجا للمرأة القوية.
وعلى الرغم من كل ما تواجهه أم فراس، إلا انها تشعر بأنها محظوظة كونها تعمل، فهناك الكثير من النساء اليمنيات اللاتي يعشن ظروفا قاسية من العوز والحاجة وعليهن التزامات كثيرة، يتمنين العمل خارج المنزل او عمل مشاريع إلا أنهن لا يتمكن بسبب القيود الاسرية.
تتمنى ام فراس مستقبلاً افتتاح مطعما كبير، بعد أن تقضي ديونها التي تتجاوز الثلاثة مليون ريال يمني، وهو ما تراه صعبا في الوقت الحالي بسبب دخل الكافتيريا المتواضع لكن يظل حلمها قائم ولن تتخلى عنه، حد قولها.
:” لا تيئسن .. لا تفقدن الامل .. أعدن المحاولة .. واجهن الحياة بكل ما فيها”، بهذه الجملة تختتم ام فراس حديثها، موجهة رسالتها إلى كل النساء اللاتي يعشن نفس ظروفها، فالعمل كما تقول يحفظ كرامتهن ويقيئهن شر الحاجة إلى الناس.
ومنذ أكثر من اربعة سنوات، تشهد اليمن صراعا مسلحا بين مسلحي جماعة أنصار الله الحوثيين من جهة، والقوات الحكومية مسنودة بقوات التحالف العربي من جهة ثانية، مخلفة أسوأ أزمة إنسانية في البلاد، حسبت تقارير أممية، كما تسببت بحرمان العديد من اليمنيين من وظائفهم ومرتابتهم.