إستطلاع خاص | قنابل موقوتة في هذه المدينة !

إستطلاع : "سليم المعمري" انتشرت ما بعد2015م ما يشبه القنابل الموقوتة في مدى خطورتها وضررها على أحياء وأزقة مديريات العاصمة عدن، وسط صمت وتجاهل مخيف من قبل الجهات المختصة بالحكومة والمحافظة والمديرية أيضا، وذلك عبر زرع محطات غاز لتعبئة الباصات والأسطوانات المنزلية.

ويشكو المواطنون من انتشار هذه القنابل، التي وصفوها بالقنابل الموقوتة، والتي أصبحت تهدد حياة المواطنين وتنذر بكارثة قد تحدث في أي وقت – لا سمح الله - مما سيتسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة.

وطالب المواطنون من الجهات المختصة بالمحافظة ممثلة بالأخ المحافظ/ أحمد حامد لملس بإزالة هذه القنابل الموقوتة من أحياء مديريات العاصمة عدن قبل أن تحل الكارثة.

ومن خلال هذه الدعوات فتحت صحيفة "التنمية اليوم" هذا الملف والتقت خبراء ومهتمين للحديث حول هذا الموضوع الخطر الذي يهدد حياة الناس وينذر بكارثة لا يُحمد عقباها.

 

محطات مقلقة

خالد سيدو نور، مدير عام مديرية صيرة الأسبق، قال: "أعتقد أن انتشار محطات تعبئة الغاز أصبحت ملفتة ومقلقة للمواطنين، خاصة للساكنين بالقرب منها؛ لذا تعتبر من أكبر المخاطر بل تعتبر قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر بأي لحظة، ويمكن أن تتسبب بكارثة لا يعلم إلا الله مداها".

وتابع قائلا: "طبعا المسؤولية هنا تتحملها بصورة مباشرة شركة النفط صاحبة الحق في إعطاء التراخيص لفتح مثل تلك المحطات في المناطق السكنية، ولنا في ذلك تجربة في كريتر، حيث تم منح ترخيص لفتح محطة غاز في شارع أروى، وكان لنا اعتراض على ذلك، واستمر العمل في إنشاء تلك المحطة وحصل تسرب فيها، ولولا لطف الله لكانت حلت كارثة".

وأكمل قائلا: "بعدها تم إغلاقها؛ لذا نتمنى من جهات الاختصاص عدم إعطاء تراخيص لفتح مثل تلك المحطات إلا بالأماكن البعيدة عن التجمعات السكانية، وعلى الأخوة بالمحافظة إصدار التوجيهات بهذا الخصوص مع تفعيل الرقابة".

 

حالة رعب

ويقول المحامي مياس الاعجم: "هذه المحطات وإن كانت قد خففت جانبًا من الاحتكار الذي يقوم به بعض أصحاب محلات الغاز المنزلي إلا أنها في الأصل لم تنشأ لهذا الغرض فعلا، بل إنها أٌنشئت لتوفير خدمات التعبئة للسيارات التي تعمل بالغاز، والتي تزايدت أعدادها مؤخرا بكثرة، وفي جميع الأحوال نحن نعيش في حالة رعب مستمر وخوف من صاحب محل الغاز المنزلي القريب من سكننا، فما بالك بهذه المحطات والتي تتزايد بشكل مطرد ولا نعلم كيف حصل ملاكها على تراخيص فتح ومزاولة؟!".

 

ويضيف: "فأنا أعلم أن القرار الجمهوري رقم (٨٠) لسنة ١٩٩٣ والمعدل في العام ٩٦م أعطى الشركة اليمنية للغاز مسؤولية منح التراخيص لإنشاء محطات تعبئة الغاز، ونعلم أن لديه أنظمة صارمة متعلقة بالأمن الصناعي والسلامة المهنية والمجتمعية، بل ويهتم كثيرا بنظم حماية البيئة عند منحه لتلك التراخيص، بل إن لدى المؤسسة وفقًا لذلك القانون برامج تفتيش ميداني لهذه المنشآت.. والذي أتعجب منه أن منح التراخيص سواء لمحلات الغاز أو محطات الغاز يستلزم توفير موافقة لساكني المنطقة التي تنشأ فيها هذه المحطة، وأتعجب كثيرا كيف نبيت ونصحو على محطة جديدة قد ركبت في ركن الشارع أو داخله أو خلف الحي بالقرب من تجمعات سكانية؟!".

وواصل قائلا: "أصبح الأمر مخيفًا جدا خصوصا بعد انتشار حوادث الحريق، ونلاحظ عجز السلطات عن إطفائها، فما بالك بانفجار خزان يحتوي كذا متر غاز؟! عندما أتخيل جسامة الانفجار وما سيحدثه من خراب ينتابني الخوف، وهنا أحمّل المسؤولية الجهات المعنية بهذا، وبنظري هي الشركة اليمنية للغاز وشركة النفط والهيئة العامة للاستثمار ووزارة الصناعة ووزارة الأشغال، هؤلاء هم على رأس المسؤولية وفقا للقانون، أما إن كانت هذه المحطات قد فتحت دون إتباع للإجراءات وخارج القانون، فهذه الجهات هي المسؤولة أولا وأخيرا، ولا أعتقد أنها غير عالمة بهذه المحطات".

ووجه الأعجم رسالة للجهات المسؤولة آنفة الذكر قائلا: "إن أرواح الناس ومصائرهم معلقة في ذمتكم، لا بد أن تقوموا بواجبكم، أقلها أن تمنحوا تصاريح فتح محطات خارج المربعات السكنية وبعيدة عن التجمعات السكانية، أرواح الناس ليست لعبة، فتوفير سبل السلامة وحماية البيئة عند منح الترخيص تحتاج إلى تدقيق دوري أو فصلي".

 

الحل تفعيل الرقابة

أما أحمد عبد الله المريسي فيقول: "يجب أن تكون محلات بيع الغاز بعيدة عن سكن المواطنين وتُختار وفقًا لمعيار الأمن والسلامة، وفقا للوائح والتراخيص الممنوحة لهم من وزارة التجارة والصناعة وشركة النفط والغاز، مع التنسيق مع السلطات المحلية في المديريات؛ حرصا على سلامة المواطن وتفادي أي حوادث يمكن أن تطرأ وتتسبب بكوارث لا يحمد عقباها، ولا بد من تفعيل أجهزة الرقابة".

وواصل قائلا: "المسؤولية تقع على كل الجهات المختصة التي ذكرتها آنفا".

ووجه المريسي كلمة لكل الجهات المعنية "أن تعمل وفقا للقوانين مثلما كنا سابقًا قبل الحرب الأخيرة، في اختيار أماكن آمنة؛ حرصا على سلامة وحياة الساكنين، وأن تعود محلات الغاز الرسمية ويتم تفعيلها حتى نضمن وصولها للمواطنين وتغطي حاجتهم وألا يسمحوا لبعض الجشعين باحتكارها وبيعها بالسوق السوداء للمطاعم وحرمان المواطنين من الحصول على دبة غاز لتغطية حاجتهم في البيوت، يكفي المواطن ما يعانيه من عدم انضباط الرواتب في وقتها وغلاء الأسعار في كافة السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية واللحوم والأسماك وغيرها من الضروريات".

 

 

مخاطر في أزقة عدن

المحامي سعيد علي العيسائي قال: "إن انتشار محطات الغاز في حوافي (أزقة) عدن فيها مخاطر وفيها فائدة توفر الخدمات للمواطن من الأزمة المصطنعة، فمخاطرها تكمن بتعرض السكان لمخاطر الحرائق والانفجارات مما يعرض السكان لمخاطر صحية وبيئية".

ولفت بالقول: "هناك أجندة مستفيدة من ذلك؛ استغلالا لحاجة المواطن للخدمة".

وأكد قائلا: "تقع المسؤولية بالمقام الأول على المصافي وشركة النفط أن توفر هذه الخدمة للمواطن وتوزيعها على شكل (أسطوانات غاز) مثلما كان يعمل فيه من سابق، ومثل ما تطبقه البلدان الأخرى؛ حفاظا على البيئة وصحة السكان، فالمسؤولية تقع على شركة النفط والمصافي لتوفير هذه الخدمة المهمة للسكان، وعلى السلطة المحلية بالمحافظة ممثله بالمحافظ متابعة ذلك مع الجهات ذات العلاقة".

 

ليس هناك أية معايير

فيما الدكتور جواد النابهي - باحث قانوني- أشار إلى أن "محطات التزويد بالغاز انتشرت بكثرة في الأحياء السكنية وبالقرب من المحلات، وارتفعت أعدادها بشكل مخيف، وأكاد أجزم بأنها لا تتبع أي معيار للسلامة، وهذا ما يبدو جلياً أثناء النظر في طريقة بنائها، مما قد يعرض حياة السكان للخطر والموت، حيث تعتبر تلك المحطات كالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي وقت، وستعصف حينها بكل من يعيش حولها أو يمر بمحاذاتها لحظة الانفجار - لا قدر الله - وتعد هذه المشكلة كبيرة ولها أخطار عظيمة في حال عدم تداركها واتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لحلها".

وتابع قائلا: "يعود السبب في انتشار المحطات المتخصصة في تعبئة الغاز المنزلي وغاز السيارات إلى ضعف الرقابة والإهمال من قبل أجهزة الدولة، ممثلة بشركة الغاز والسلطة المحلية بالمحافظة وأجهزتها الأمنية وغياب التنسيق بين مكتب الصناعة والتجارة وشركة الغاز، مع أنه يمنع منعاً باتاً إنشاء أي محطة في أي منطقة مأهولة بالسكان، بينما الآن نجد الكثير منها وسط الأحياء السكنية، وهذه كارثة، ويبدو أن كل جهة حكومية تلقي بكرة اللهب في مرمى الجهة الأخرى".

وأكد أن "محطات تعبئة الغاز ما زالت متواجدة في الأحياء السكنية، وما زال المواطنون يخافون من تواجدها، خاصة وأن أكثرها تفتقد لمعايير الأمن والسلامة ولا يوجد أي ضمان بعدم انفجارها في أي لحظة، ليبقى المواطن بانتظار إيقاف تلك المحطات وإلزامها بإجراءات الأمن والسلامة من قبل الجهات المختصة".

ويضيف مناشدًا: "نناشد السلطة المحلية بالمحافظة ومكتب الصناعة والتجارة وشركة الغاز بالقيام بدورها في حماية المواطن وإزالة كل ما يقلق السكينة العامة وذلك باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاحترازية والكفيلة بحماية السكينة العامة والحفاظ على سلامة المواطن وصحته".

 

قنبلة موقوتة

بدوره محمد علي خيشم (المجلس النقابي لشركة النفط عدن) يقول محذرًا: "قد تحل كارثة على سكان المدينة حيث تواجد مراكز التعبئة لذلك الصهريج المملوء بمادة LBG (الغاز) الخاص بأنبوبة المنازل وكذلك أنبوبة السيارات وتلك تعتبر قنبلة موقوتة، وستسبب كارثة للأحياء التي بجوارها، لذلك ندعو السلطة بالمحافظة تفادي حدوث الكارثة قبل وقوعها وعمل المعالجات للحفاظ على السكان وكذلك المساكن وتوخي الحذر قبل وقوع الفأس بالرأس".

 

خطورة الغاز

حنان الأميري قالت: "إن محطات الغاز، المنتشرة بكثرة، لا تكاد تخضع لمعايير الجودة والتعبئة والسلامة، والبعض منها قد تكون منتهية أو غير صالحة للاستخدام، والبعض منها لا تخضع للمعايير الخاصة بالتعبئة، والبعض منها تأتي ناقصة عن الحد المعين، بالتالي شكلت خطورة على السكان، فقد حدثت الكثير من الحرائق والإشكاليات في المدينة، إضافة إلى تفاوت أسعارها من مكان إلى مكان آخر".

وأضافت:" هنا يتحمل مسؤولية ذلك الشركة الخاصة بالغاز وشركة النفط وأيضا مأمورو المديريات والمجالس المحلية في كل مديرية؛ حيث غابت الرقابة على محلات بيع الغاز أو النقاط المعينة للبيع أو الأشخاص الذين يبيعون الغاز المنزلي بأسعار مرتفعة".

واختتمت حديثها: "أوجه رسالتي إلى المجالس المحلية في كل مديرية للتحرك وعمل رقابة على أسعار بيع الغاز وطريقة التعبئة والرقابة على التلاعب الذي يحدث أثناء بيع الغاز المنزلي".

 

 

ألغامٌ مكشوفة!

عبدالسلام الجبرني، ناشط مدني، يقول: "أصبح حال ساكني عدن، وخاصة من يسكنون في المناطق المزدحمة والأزقة، كحال المقاتل في الجبهات، وذلك نتيجة لكثرة انتشار المحطات الغازية العشوائية، والتي قد تكون سبباً في دمار حيّ بأكمله لا سمح الله". مضيفا: "لذلك فإنّ تواجد هذه المحطات بهذا الشكل دون أيّ اعتبار لدى مالكي هذه المحطات للمساكن وأخذ مسافة معقولة عن الأحياء المزدحمة ينبئ بخطر وشيك يهدد حياة هؤلاء الناس ومنازلهم. إن هذا السلوك غير المسؤول يجب أن لا يكون سبباً في إضرار الآخرين، فحياة الناس مهددة، إن لم يتم تدارك هذا الأمر".

ويضيف معاتبًا: "لم يكن ليحصل أن تكون هذه المحطات بهذه العشوائية لولا غياب الضمير لدى مالكيها وانعدام المسؤولية لديهم وكذلك استغلالهم للوضع الذي تمر به عدن وغياب الجهات المختصة،  فهم يتحملون المسؤولية بشكل مباشر وعليهم إزالة هذه المظاهر غير المسؤولة ما لم فسيكونون عُرضة للمساءلة القانونية، وتحميلهم المسؤولية الكاملة في حال حصول أيّ أضرار بحياة الناس وأملاكهم، كونهم المتسببين في إدخال هذه المحطات إلى أوساط الأحياء والأزقة دون أدنى شعور بالمسؤولية، ولذلك نأمل من قيادة السلطة المحلية أن تكون حازمة تجاه هؤلاء وأن تعمل على معالجة هذه المشاكل وذلك بالقيام بإزالة هذه المحطات وتعيين أماكن مخصصة لها تكون بعيدة عن المساكن والأحياء المزدحمة، حيث أصبح تواجدها بهذا الشكل يهدد حياة الناس وأملاكهم".

واختتم موجها رسالته للجهات المسؤولة: "يجب على الجهات المختصة سحب التراخيص الممنوحة لمستوردي الغاز والذين يموّنون هذه المحطات بهذه المادة، وعدم منح أي تراخيص لإنشاء مثل هذه المحطات إلاّ بعد الموافقة المسبقة وبعد التأكد من أخذ الاحتياطات اللازمة".

 

ظاهرة خطرة

الإعلامي رضوان المسوري تحدث قائلا: "انتشار محطات الغاز في الأحياء المكتظة بالسكان في محافظة عدن والمحافظات المجاورة ظاهرة خطيرة، وتعتبر فاجعة وكارثة كبيرة لو قدر الله وحصل انفجار في إحداها لأي سبب كان، وستكون عواقبها وخيمة وكارثية بشرية ومادية، ولعل ما حصل من انفجار في محطة غاز باتيس في محافظة أبين بسبتمبر الماضي أكبر شاهد على مدى قوة الانفجار وتأثيره على الأحياء السكنية، فهي بالفعل قنبلة موقوتة لا يجب التهاون بها، ولكن من لطف الله أن المحطة بعيدة وفي منطقة صحراوية".

ويضيف: "هناك العديد من المناشدات التي وجهها المواطنون، عبر وسائل الإعلام المختلفة، إلى الجهات المسؤولة ذات العلاقة، بمدى خطورة وجود المحاط بالقرب من منازلهم، ولكن لا حياة لمن تنادي! وبخاصة أن معظم المحطات عشوائية وليست مرخصة بسبب وقف الترخيص من شركة الغاز اليمنية".

مردفا: "وبحسب مصادر مطلعه فإن هناك قرار من المحافظ الأسبق سالمين بإبعاد المحاط من الأحياء السكنية وحصرها في أماكن بعيدة وغير مأهولة بالسكان، ولكنها قرارات لم ترَ النور".

واختتم المسوري حديثه بإرسال رسالة إلى محافظ العاصمة عدن وإلى الجهات المختصة قائلا: "رسالتي هي لمحافظ محافظ العاصمة عدن محمد حامد لملس وللجهات المسؤولة وذات العلاقة لتفادي الأمر قبل وقوع الكارثة وأخذ العبرة مما حصل في منطقة باتيس في أبين وتفعيل قرار المحافظ الأسبق ليتم حصر المحطات في أماكن بعيدة عن المناطق المكتظة بالسكان".

 

بركان قد يتفجّر في أي لحظة

منال أمين عبدالسلام، صحفية في وكالة الأنباء اليمنية سبأ بعدن، تقول: "انتشار محطات الغاز في الأحياء السكنية المكتظة بالسكان تشكل قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين المغلوبين على أمرهم في مختلف مناطق العاصمة عدن، واستمرارها في الانتشار بهذه الطريقة غير القانونية سيؤدي إلى توالد بركان سيثور في كل منطقة وحي ليقتل المواطنين بطريقة بشعة، وأعتقد أن هناك أمثلة كثيرة للانفجارات التي تحصل بسبب وجود مثل هذه المحطات في المناطق السكنية في مختلف المحافظات والتي تؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا والمصابين".

 

وأضافت: "تقع المسؤولية على كاهل كل الجهات المختصة والمعنية بعملية توزيع وانتشار وتعبئة محطات الغاز في الأحياء السكنية، بالإضافة إلى الجهات الرقابية، أيضا عقال الحارات والمواطنون الذي يسكتون على وجود مثل هذه القنابل الموقوتة في الأحياء دون مراعاة لحجم الخطر بوجود مثل هذه المحطات في أحيائهم".

واختتمت حديثها موجهة رسالة قالت فيها: "ندعو كل الجهات المعنية والرقابية والأمنية أن تتقي الله بأرواح البشر وتمنع انتشار مثل هذه المحطات التي تهدد حياة الناس، وتقف ضد هذه المشاريع التي تعتبر غير قانونية وتستهدف أروح المواطنين الأبرياء بمخالفتها قوانين الصحة والسلامة".