شهر المحبة

يتميز الشهر الفضيل بإسهامه اللامحدود في سيادة التآخي والمحبة والتواد بين المسلمين، تجد كثيرا من المسلمين يختارون الشهر الفضيل لينفقوا فيه صدقاتهم ويخرجوا زكواتهم وهم يؤملون في رحمة من الله تغشاهم وتنير طريقهم إلى الجنان في شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران، فيه يشعر الغني بحال الفقير ويتواجد الناس معا في الصلوات ومراكز الإفطار. فيه تتاح الفرصة للصغار لتعلم التعاون والعطاء ونحن نشاهدهم أمام إشارات المرور ينشرون الحب ويطعمون الناس ويتنافسون فيمن يقدم الأفضل ويخدم أكثر.
ترحب المساجد بالفقراء والعمال وتقدم لهم الإفطار وتسمح لهم بالدخول والتعرف على عالم مختلف عما كانت عليه الحال قبل الشهر الفضيل. قد يقول قائل إن هؤلاء يفطرون ثم يغادرون المسجد فذاك مردود علينا نحن أهل المسجد إن تركناهم دون وعي ولا اهتمام ولا دعم.
إن الدور المهم الذي ما زال يمارس في بعض القرى، حيث يجتمع أهل الحي لتناول الإفطار معا هو ما يمكن أن يعين على الدعوة والتقريب بين الناس وليس مجرد تقديم المال فقط. شاهدنا التعاطف في دول كثيرة مع المسلمين الذين يصومون في تلك الدول. هذا التعاطف يمكن أن يتحول إلى وسيلة جذب كبيرة متى استفاد منه المسلمون للدفع بمفهوم المحبة الذي ينادي به الإسلام وتحققه تعاليمه.
يأتي رمضان ونحن في حاجة إلى أن نتوقف ونتعرف على أهمية التعاملات البشرية في الدين الإسلامي. يأتي ونحن نشاهد كثيرا من النزاع والخلاف يعصف بالعالم الإسلامي دون غيره وهو ما يجعلنا نعيد النظر في تعاملاتنا وحاجتنا إلى تقبل الاختلاف والابتعاد عن السلبية في التعامل مع المختلفين باعتبارهم وسائل لدعم التقارب والتنوع.
المحبة التي نتحدث عنها هي التي تنبع من التفاهم والتراحم والتواد الذي يميز سلوك المسلم في هذا الشهر، فهو يمضي أكثر وقته في قراءة القرآن وأداء الصلوات والابتعاد عن المباهج وترك المغريات في سبيل ضمان الانفصال عن هذه المغريات، لأنها تحرمنا الروحانية التي نستعد بها للآخرة ونسأل الله أن يجعلها أساسا في المقبل من أيامنا.
استغلال هذا الشهر الفضيل أمر نحتاج إليه جميعا في تهذيب النفس وتصفية القلوب والاستعداد لما بعد الموت والابتعاد عن التعلق بالدنيا وما ينتج عن ذلك من فساد ونزاع ومساوئ أخلاق تحرمنا كثيرا من الخير والبركة التي يمنحها رمضان.

مقالات الكاتب