مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
أضافت "أوبك" والولايات المتحدة معا كميات كبيرة من الإمدادات الجديدة، التي أسهمت في تهدئة أسواق النفط أخيرا. ففي تشرين الأول (أكتوبر)، رفعت منظمة "أوبك" إنتاج النفط إلى أعلى مستوى منذ عام 2016، قبل أن تدخل تخفيضات الإنتاج حيز التنفيذ، وفقا لمسح أجرته "رويترز" أخيرا. هذه الزيادة في الإنتاج كانت بقيادة المملكة والإمارات، في الوقت الذي بدأ فيه إنتاج النفط الإيراني في التراجع. كما شهدت ليبيا انتعاشا كبيرا في الإنتاج، على الرغم من أنها ليست جزءا من اتفاق تخفيض الإنتاج بين "أوبك" وحلفائها بقيادة روسيا.
في تشرين الأول (أكتوبر)، أنتجت دول "أوبك" الـ15 في المتوسط 33.31 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2016. وكان هذا أيضا أعلى بمقدار 390 ألف برميل يوميا عن أيلول (سبتمبر)، ما يدل على أن منتجي النفط يعوضون بنجاح انقطاع الإمدادات من إيران وفنزويلا. روسيا، التي ليست جزءا من "أوبك"، لكنها جزء من التحالف، تواصل أيضا رفع إنتاجها إلى مستويات قياسية.
في تشرين الأول (أكتوبر)، خسرت إيران نحو 100 ألف برميل في اليوم من إنتاجها؛ بسبب تراجع المشترين مع اقتراب تطبيق المرحلة الثانية من عقوبات الولايات المتحدة، لكن الخسائر كانت أكثر تواضعا مما توقع عديد من المحللين. في الواقع، على الرغم من اللهجة المتشددة من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن الولايات المتحدة تستعد لمنح إعفاءات لعدة بلدان غير قادرة على خفض وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر، وهذا الإجراء كان متوقعا إلى حد كبير.
حيث لم يستطع كبار مستوردي النفط الإيراني، بما في ذلك الهند والصين وتركيا، خفض مشترياتهم إلى الصفر دون تكبد تكاليف اقتصادية كبيرة. في البداية، ضغطت الولايات المتحدة على هذه الدول، لكنها اضطرت في النهاية إلى التراجع. في هذا الجانب، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي "نريد تحقيق أقصى قدر من الضغط، لكننا لا نريد أن نلحق الأذى بالأصدقاء والحلفاء". وأضاف، لقد أدركنا أن البعض "قد لا يكون قادرا على خفض الواردات، وصولا إلى الصفر على الفور".
هذه الإعفاءات، جنبا إلى جنب مع الجهود التي تبذلها إيران للالتفاف على نظام العقوبات الأمريكي، تعني أن خسائر التصدير يمكن أن تستقر. من المشكوك فيه ما إذا كانت صادرات النفط الإيرانية ستنخفض أكثر بكثير عن مستواها الحالي. بعد كل ذلك، هناك تقارير تفيد بأن الهند ستمنح إعفاء من الولايات المتحدة لشراء النفط الإيراني. من دون هذه الإعفاءات، سيتعرض مشترو النفط الإيراني لخطر العقوبات الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، إضافة إلى قيام "أوبك" بتعزيز الإنتاج، تضيف الولايات المتحدة أيضا إمدادات جديدة بمعدل كبير. لقد أصدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أخيرا مستويات الإنتاج الأمريكية لشهر آب (أغسطس)، ما كشف عن زيادة شهرية هائلة. وتقدر الوكالة أن الولايات المتحدة أنتجت 11.346 مليون برميل في اليوم في آب (أغسطس)، بزيادة قدرها 416 ألف برميل يوميا عن الشهر الذي سبقه. هذا المستوى جعل الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، بفارق ضئيل عن روسيا. عند 1.346 مليون برميل في اليوم، أضافت الولايات المتحدة 2.1 مليون برميل في اليوم مقارنة بآب (أغسطس) 2017، وهي أكبر زيادة على مدار 12 شهرا على الإطلاق.
ولكن حتى مع ارتفاع إنتاج "أوبك" عند أعلى مستوى في عامين، وارتفاع إنتاج الولايات المتحدة بوتيرة كبيرة، فإن أسواق النفط ليست بالضرورة على وشك الانزلاق نحو ركود جديد. على الرغم من تدفق الإمدادات الجديدة، لا يبدو أن "الزيادة الكبيرة قد أغرقت السوق بالإمدادات"، وفقا لبعض مصادر السوق. لقد ارتفعت مخزونات النفط الخام بشكل كبير، لكن جزءا من سبب هذه الزيادة هو تراجع معدل استخدام المصافي.
عادة تميل مصافي النفط إلى إجراء الصيانة الدورية بعد فصل الصيف، لكن البعض يرى أن هذا كان "موسم صيانة أطول من المعتاد". وقد أدى ذلك إلى زيادة مخزون النفط الخام، مع ذلك لا تزال المخزونات في منتصف متوسط السنوات الخمس. وشمل ذلك أيضا إطلاقا مبرمجا سلفا للنفط الخام من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، وهي الكمية التي شرعها الكونجرس الأمريكي في السابق.
ومع ذلك، ازدادت التوترات في الأسواق، على الأقل مقارنة بالسابق. وباع المستثمرون المراهنات الصعودية على عقود النفط الآجلة، وانقلب منحنى العقود الآجلة من حالة "التراجع" Backwardation، بمعنى أن أسعار الشهر الفوري هي أعلى من أسعار الأشهر اللاحقة، إلى حالة الكونتانجو - Contango، بمعنى أن الأسعار المستقبلية "الآجلة" أعلى من الأسعار الفورية، وهذا يدل على الاتجاه الهبوطي المتزايد.
في ضوء أرقام الإنتاج الحالية، مع قيام كل من "أوبك"، روسيا، والولايات المتحدة بضخ النفط بكميات كبيرة، إلا أننا لا نشهد ارتفاعا في الطلب لشهر آخر، وقد يشير ذلك إلى أننا عدنا إلى نطاق سعري بين 70 و80 دولارا للبرميل، الذي استمر بين نيسان (أبريل) وآب (أغسطس).
يعزو بعض المحللين ارتفاع الإنتاج هذا العام إلى الزيادة في الأسعار عام 2017 والفصل الأول من هذا العام. عادة تحصل زيادات كبيرة في الإنتاج بعد 9 إلى 12 شهرا من ارتفاع أسعار النفط. ولأن الأسعار قد هدأت منذ أيار (مايو) "عدا فترة قصيرة بين منتصف أيلول (سبتمبر) وبداية تشرين الأول (أكتوبر)"، فإن زيادات الإنتاج قد تتراجع أيضا في العام المقبل، ما يشير إلى أن معدل النمو الحاد الذي شهدناه في 2018 قد لا يستمر.
لكن في الوقت الراهن، ربما أدى تدفق كميات كبيرة من المعروض الجديد إلى وضع حد أقصى لأسعار النفط على المدى القريب، وحال دون أي انقطاعات غير متوقعة.