مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
تشير توقعات الاقتصاد العالمي لعام 2019 إلى تراجع النمو في معظم مناطق العالم. جاء هذا الاستنتاج في تقرير جديد للبنك الدولي عن حالة الاقتصاد العالمي، مستشهدا بمجموعة من البيانات والمؤشرات، بما في ذلك ضعف التجارة والاستثمار الدوليين، التوترات التجارية المستمرة، والاضطرابات المالية في الأسواق الناشئة على مدى العام الماضي. وحذر البنك الدولي من أن الاقتصاد العالمي يواجه عددا من التحديات. ونتيجة لذلك، قد يبقى النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة ثابتا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، في حين أن نمو الاقتصاد العالمي بصورة عامة قد يكون أضعف من المتوقع.
يتمثل أحد المؤشرات الرئيسة لهذا التقييم في تشدد أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وجاء في تقرير البنك الدولي أيضا، أن "البنوك المركزية للاقتصادات المتقدمة ستستمر في إزالة السياسات التيسيرية التي دعمت التعافي الذي استمر منذ الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات". بعد عدة ارتفاعات في أسعار الفائدة في 2018، اقترح بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن زيادتين أخريين في طريقهما عام 2019، على الرغم من أن رئيس البنك المركزي خفف أخيرا من هذه اللهجة.
إن أسعار الفائدة المرتفعة وقوة صرف الدولار تضعان ضغوطا هائلة على البلدان المدينة والشركات والمستهلكين في الأسواق الناشئة. مثل هذه الدول عرضة للخروج المفاجئ لرؤوس الأموال، الأمر الذي قد يجعلها تعاني تحت وطأة الديون المقومة بالدولار. والأسوأ من ذلك أن الدين الحكومي في البلدان منخفضة الدخل، ارتفع خلال السنوات الأربع الماضية، من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للبنك الدولي.
لقد تراجع النمو الاقتصادي في اليابان وإيطاليا وألمانيا في الربع الثالث من العام الماضي، كما هزت الاضطرابات المالية أسواق الأسهم العالمية في الأسابيع القليلة الأخيرة من عام 2018. في هذا الصدد، قالت كريستينا جورجيفا، الرئيسة التنفيذية للبنك الدولي، "في بداية عام 2018، كان الاقتصاد العالمي ينمو على جميع الأصعدة، لكنه خسر هذا العزم خلال العام، ويمكن أن يستمر هذا التلكؤ في العام المقبل". وأضافت، مع زيادة الاضطرابات الاقتصادية والمالية في البلدان الناشئة والنامية، يمكن أن يتعرض التقدم العالمي الحاصل في مجال الحد من الفقر المدقع إلى الخطر.
المفارقة هي أنه خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية، كانت المشاعر Sentiment في ارتفاع. وقد عززت توقعات حدوث انفراج في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أسواق الأسهم العالمية. في الوقت نفسه، أسهمت في رفع أسعار النفط الخام. لقد لقيت احتمالية إعادة النظر في رفع أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي الترحاب الحار من قبل المستثمرين.
لكن هذا لا يلغي المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي. حتى الانفراج في الحرب التجارية قد لا يكون كافيا لإيقاف التباطؤ. "من المحتمل أن يتباطأ إبرام الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ولكن من غير المحتمل أن ينعكس هذا التدهور الذي شهدناه أخيرا في البيانات الاقتصادية المستقبلية من الولايات المتحدة إلى أوروبا والصين"، على حد قول رئيس استراتيجية السلع في مصرف ساكسو.
في هذا الصدد، أعلنت الصين أخيرا أول انخفاض سنوي في مبيعات السيارات منذ أكثر من عقدين، وهي علامة واضحة على تباطؤ الاقتصاد؛ حيث تراجعت مبيعات السيارات 6 في المائة في الصين عام 2018، وفقا لـ"بلومبيرج"، ويتوقع "جولدمان ساكس" انكماشا آخر في مبيعات السيارات بنحو 7 في المائة هذا العام. وتعد الصين أكبر سوق للسيارات في العالم؛ لذا فإن الانخفاض في المبيعات يسبب مشكلات لصانعي السيارات في كل مكان في العالم، وهذا هو أحد أسباب تأثر الاقتصاد الألماني. لكن، هذا التراجع ليس سيئا من جميع الجوانب؛ حيث إن التباطؤ المفاجئ في مبيعات السيارات هو أيضا علامة على التحول في نظام الطاقة Energy Transition العالمي. من المحتمل أن ينذر التحول في نمط القيادة، وارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في الصين، بوصول محرك الاحتراق الداخلي إلى ذروته. لقد تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية المليون للمرة الأولى في الصين عام 2018، ويمكن أن ترتفع بمقدار الثلث هذا العام إلى 1.6 مليون، وفقا لنشرة "بلومبيرج" ورابطة الصين لمصنعي السيارات. في هذا الجانب، قالت الرابطة إن الطلب على السيارات لا يزال موجودا، ولكن قد يستغرق الأمر نحو ثلاث سنوات حتى يتسارع مرة أخرى. إن الشكوك العامة التي قد تقوض عمليات شراء السيارات تشمل التقلبات في التنمية الاقتصادية، وعلاقات الصين التجارية مع الولايات المتحدة.
لقد تجاهلت أسواق النفط عديدا من هذه المؤشرات السلبية بداية عام 2019؛ فارتفع خام غرب تكساس الوسيط فوق 50 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي، وتجاوزت أسعار برنت 60 دولارا للبرميل. وكلاهما اقترب من منطقة الأسواق التصاعدية، بزيادة 20 في المائة تقريبا على أدنى مستوى سجلاه أواخر كانون الأول (ديسمبر).
في الوقت الحالي، تخفيضات "أوبك" وحلفائها، والنظرة المتفائلة بخصوص محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والنهج الأكثر ليونة من البنك الاحتياطي الفيدرالي شجعت تجار النفط على زيادة مراكز الشراء. ومع ذلك، ينبغي عدم تجاهل التحذير من البنك الدولي.