عجمان واستراتيجية النمو الاقتصادي

التنمية برس/ اريبيان بيزنس :

تتوخّى "دائرة التنمية الاقتصادية في إمارة عجمان" رؤية واضحة المعالم عمادها بناء اقتصاد تنافسي متنوّع لاستدامة التنمية في الإمارة، وصولاً إلى تحقيق بيئة اقتصادية مزدهرة لرفاهية سكان الإمارة من خلال التخطيط وإعداد السياسات والتشريعات والتنظيم والرقابة والترويج الاقتصادي. وقد شكّل العام 2016 محطةً هامةً بالنسبة لـ "اقتصادية عجمان"، التي حقّقت من النتائج والنجاحات المشرّفة ما فاق التوقّعات عقب إصدار المرسوم الأميري الجديد بشأن الدائرة في العام 2015، والذي تم بمقتضاه تفويض الدائرة بالمزيد من الصلاحيات والاختصاصات الإدارية والتنظيمية والتنفيذية.

يحدثنا سعادة علي عيسى النعيمي، مدير عام "دائرة التنمية الاقتصادية في إمارة عجمان"، عن أبرز النتائج والنجاحات التي حققتها "اقتصادية عجمان" في 2016. وهو يرى أن أهمّها تمثل في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز جاذبية الإمارة للاستثمارات المحلية والأجنبية، عبر مجموعة من المبادرات التي كان لها دور كبير في توفير الوقت والتكلفة والجهد على المستثمرين.
فإلى نص الحوار:

كيف تصفون نتائج الدائرة خلال العام 2016؟
تمكّنت الدائرة من تحقيق الكثير من الإنجازات خلال العام الماضي، والتي تمثّلت بالدرجة الأولى في تحسين بيئة الأعمال عبر مجموعة من المبادرات التي كان لها دور كبير في توفير الوقت والتكلفة والجهد على المستثمرين، بما في ذلك خفض الرسوم المترتبة على إصدار وتجديد الرخص، وتسهيل آليات بدء الأنشطة التجارية في الإمارة لتشمل 6 إجراءات فقط وتقليص الزمن المطلوب إلى 6 أيام فقط.
وعلاوةً على ذلك، شهد العام الماضي أيضاً إطلاق 17 خدمة ذكية جديدة، بما فيها إصدار موافقات مبدئية بشأن إصدار الترخيص، وحجز الأسماء التجارية، وإصدار وتجديد التراخيص الجديدة، وإصدار التصاريح بمختلف أنواعها، والاستفسار عن تكلفة إصدار أو تجديد التراخيص الجديدة، بالإضافة إلى إمكانية متابعة المعاملات إلكترونياً أو عن طريق التطبيق الذكي الخاص بالدائرة.
وكان لهذه المبادرات والإنجازات النوعية دور كبير في النهوض بالمكانة الريادية للإمارة على خارطة الأعمال العالمية، حيث تقدّمت عجمان إلى المرتبة 35 عالمياً والمرتبة الثانية خليجياً بعد دبي في "تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2016" الصادر عن البنك الدولي بشأن إمارة عجمان. كما ارتفع مؤشّر الثقة في مناخ الأعمال بالإمارة خلال النصف الثاني من العام 2016 إلى 119 نقطة، بزيادة وقدرها 10 نقاط بالمقارنة مع نتائج النصف الأوّل من العام نفسه. وسجّلت الإمارة أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 15.8% في عدد الرخص الجديدة الصادرة خلال 2016 بالمقارنة مع العام السابق له، في حين انخفض عدد الرخص الملغاة بنسبة 6.5% خلال الفترة نفسها.

ما هي أحدث الاستراتيجيات التي يجري تطبيقها في الدائرة خلال العام الجاري؟
بصفتها جهة حكومية تنضوي تحت مظلة المجلس التنفيذي لحكومة عجمان، أعدّت "دائرة التنمية الاقتصادية في إمارة عجمان" خارطة استراتيجية للأعوام 2016-2018 والتي تم بموجبها تحديد 5 أهداف استراتيجية قطاعية منبثقة من "رؤية عجمان 2021"، تمثّل بمجملها بوصلة استراتيجية لتوجيه أهداف ومبادرات الدائرة نحو تحقيق التطلّعات المحلية للعام 2021.
وتدرك الدائرة أهمية المشاركة في مجال التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي، حيث تتبنّى آليات عمل قائمة على إشراك جميع المعنيين في عمليات التخطيط بما يضمن تطبيق أفضل الممارسات والمعايير في المجال. وانعكس ذلك بشكل واضح في الخلوة الاستراتيجية الأولى التي نظّمتها الدائرة خلال شهر ديسمبر/كانون الأوّل الماضي بحضور نخبة من كبار القيادات والأخصائيين والموظّفين في الدائرة، والتي جرى خلالها تبادل الأفكار النيّرة ومشاركة المقترحات والتوصيات بشأن الأهداف والمبادرات التشغيلية للدائرة للعام 2017، بما تمخّض عن جملة من المؤشّرات والمبادرات الاستراتيجية المصمّمة خصيصاً بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للدائرة والأهداف القطاعية المنبثقة عن "رؤية عجمان 2021".
ولأن تحقيق الربط بين الجهود التشغيلية السنوية للدائرة وتوجّهاتها الاستراتيجية يعد العامل الأساسي للوصول إلى الأهداف المحلية المرجوة، تضع الدائرة في مقدّمة أولوياتها حالياً تنفيذ نموذج التخطيط الاستراتيجي للعام 2017 حيث قامت حتى الآن بتنظيم ما يزيد على 30 اجتماع مركّز لتحديد الأدوار والمسؤوليات المنوطة بكل من الوحدات التنظيمية، الأمر الذي نتج عنه اعتماد أكثر من 35 مبادرة تشغيلية مبتكرة يتم تقييم مخرجاتها وفق أكثر من 80 مؤشّر أداء رئيسي لضمان أعلى مستويات الكفاءة والفعالية في تنفيذ الأهداف الاستراتيجية والقطاعية حتى العام 2018.

ما أهم النتائج التي تتوقّعون تحقيقها خلال 2017؟
تقف إمارة عجمان اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الازدهار والتطوّر في ظل الجهود المتواصلة لتحقيق "رؤية عجمان 2021" الرامية في مضمونها إلى دفع عجلة مسيرة التنمية المستدامة في الإمارة وترسيخ مكانتها الرائدة كوجهة عالمية للتجارة والاستثمار، ينعم سكانها من المواطنين والمقيمين والزوّار بالسعادة والرفاهية المجتمعية.
وبدورنا، لن نتوانى في "اقتصادية عجمان" في بذل المساعي الداعمة للمسيرة التنموية الشاملة في إمارة عجمان، حيث نتطلّع بتفاؤل حيال تحقيق المزيد من الإنجازات والمبادرات النوعية خلال العام الجاري، في مقدّمتها استكمال المرحلة الثانية من مشروع "النافذة الموحّدة" الذي تم إطلاقه العام الماضي في سبيل تعزيز سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، وذلك عبر توفير منصة واحدة متكاملة لتسهيل رحلة المتعامل في إتمام كافة الإجراءات المتعلّقة بإصدار وتجديد الرخص الاقتصادية. وبدأنا مؤخراً تنفيذ المرحلة الثانية التي ستمهد الطريق أمامنا لتحقيق الاستفادة القصوى من القدرات الاقتصادية والاستثمارية المتاحة في الإمارة، وصولاً إلى اقتصاد تنافسي يحقق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2021.
وسنستمر خلال العام 2017 في تطوير خدماتنا وتنفيذ المزيد من المبادرات الرامية إلى تحسين تجربة المتعاملين، حيث نعتزم إطلاق محفظة إضافية من الخدمات الإلكترونية والذكية التي تم الانتهاء من تطوير بعض منها ويجري اختبارها حالياً. ونسير قدماً في مساعينا الحثيثة لتوطيد قنوات التواصل مع المتعاملين عبر مبادرات نوعية تشمل "أسبوع المتعامل" و"المتعامل المبدع"، إلى جانب مشروع مواصفات الأيزو ومن ضمنها تطوير نظام إدارة الشكاوى وفقاً لمتطلبات "أيزو 10002:2004" لضمان تقديم كل ما يرقى إلى مستوى تطلعاتهم ويحقق سعادتهم ورضاهم.
ونضع نصب أعيننا اليوم تقديم تجربة فريدة ومتميزة لمراجعي مراكز الخدمة، انطلاقا من التزامنا بضمان السرعة والدقة والكفاءة في إنجاز المعاملات وفق أعلى معايير الجودة، فضلاً عن تطوير خدماتنا وبرامجنا وفق استراتيجية ورؤية وطنية تضمن أن ينعم سكان إمارة عجمان بالسعادة والرفاه المجتمعي. وفي هذا السياق، قمنا مؤخراً بافتتاح "مركز النخيل لخدمة المتعاملين" الذي يتميّز بموقع استراتيجي على كورنيش عجمان، وذلك في خطوة طموحة للوصول إلى أكثر من 10,000 متعامل في مناطق النخيل وليوارة والراشدية والرميلة، الأمر الذي يجسّد حرصنا الدائم على الارتقاء بمستوى رضا وسعادة المتعاملين.


ونتطلع قدماً خلال العام الجاري إلى مواصلة جهودنا المتمحورة حول تفعيل دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية الاقتصادي، من خلال التركيز على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع الاستثمارات الصناعية وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمستثمرين، بما يسهم في رفع مؤشر الثقة في مناخ الأعمال في إمارة عجمان. وستكون التوعية بحقوق المستهلكين وواجباتهم وحماية المستهلك في مقدمة أولوياتنا الاستراتيجية للعام 2017، مدفوعين بالتزامنا المتواصل بإسعاد المستثمرين والمتعاملين على السواء.



ما هي أبرز التحدّيات التي تواجهكم في أعمالكم؟
تواصل الدائرة السير بخطى واثقة وثابتة وفق نهج الريادة والتنافسية والتميّز في ظل الدعم اللامحدود من قبل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، وسمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان رئيس المجلس التنفيذي. وأخص بالثناء والتقدير هنا سمو الشيخ أحمد بن حميد النعيمي، رئيس "دائرة التنمية الاقتصادية في إمارة عجمان"، الذي يضع نصب عينيه تذليل شتى العقبات المحتملة وتقديم الدعم الكامل للدائرة والمتابعة المستمرة مع صنّاع القرار والقيادات العليا من مختلف الجهات الحكومية المعنية والأقسام الداخلية لضمان الاستمرارية في الأعمال وتعزيز الممكّنات الإبداعية والاستشرافية اللازمة لتحقيق رؤية ورسالة الدائرة.
ولذلك يشرّفنا القول إنه ما من صعوبات أو تحدّيات أو عقبات واجهت أو تواجه الدائرة؛ وكلّنا ثقة بأنّنا مقبلون على تطوّرات وتحسينات نوعية في العمليات المستقبلية تحت كنف القيادة الرشيدة لإمارة عجمان والإدارة القوية لسمو الشيخ أحمد بن حميد النعيمي.


كيف تصفون التطوّر الاقتصادي في عجمان خلال السنوات الخمس الأخيرة؟
حقّقت عجمان قفزةً كبيرةً على الصعيد الاقتصادي خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث شهدت الإمارة العديد من التطوّرات المتسارعة التي أثمرت عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بمتوسط معدّل نمو سنوي بلغ 4.3% خلال هذه الفترة، مدعوماً بالأداء القوي للقطاعات الاقتصادية كافةً، لاسيما قطاع المشروعات المالية الذي سجّل متوسط معدل نمو سنوي لافت بنسبة 7%، وقطاع البناء والتشييد بمتوسّط معدل نمو سنوي بلغ 5.8% ، وقطاع العقارات وخدمات الأعمال بواقع 5.5% ، وقطاع الطاقة والغاز والمياه بنسبة 4.7% ، فضلاً عن قطاع تجارة الجملة والتجزئة وخدمات الإصلاح الذي سجّل متوسط معدل نمو بنسبة 4.7%.
ولا يمثّل هذا التطوّر سوى امتداد حقيقي للمساعي الدؤوبة التي تبذلها عجمان بمختلف جهاتها ودوائرها ومؤسّساتها في القطاعين العام والخاص من أجل تحقيق التنمية المستدامة الشاملة والنهوض بالإمارة إلى أرقى مستويات التنافسية والريادة على الخارطة المحلية والإقليمية والعالمية.



ما هي أكثر القطاعات نجاحاً في عجمان؟ وبماذا تختلف عن غيرها من إمارات الدولة؟
تشير قراءات البيانات الاستثمارية الأخيرة لإمارة عجمان إلى تحقيق العديد من القطاعات الحيوية الرئيسة معدّلات نمو عالية خلال الفترة الأخيرة، على رأسها قطاع المطاعم والفنادق الذي سجّل 72.6% زيادةً في قيمة الاستثمارات خلال العام 2015 وحده، يليه قطاع المشروعات المالية بنسبة 27.3% وقطاع النقل والتخزين والاتّصالات بنسبة 14.8%، فضلاً عن قطاع التطوير العقاري الذي شهد طفرةً كبيرةً خلال السنوات الأخيرة في الإمارة.
وتُعزى هذه الأرقام الإيجابية في المقام الأوّل إلى المكانة القويّة التي تتبوّأها عجمان بصفتها وجهة سياحية من الطراز الأوّل، تجمع بين عراقة التراث الإماراتي وروح الحداثة والعصرية في القرن الحادي والعشرين. هذا بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يتوسّط إمارتي الشارقة وأم القيوين على مقربة من دبي. وتتغنّى عجمان أيضاً ببنية تحتية متطوّرة تتمثّل في "ميناء عجمان" الذي يضم واحدة من أكبر ورش صيانة السفن في دولة الإمارات، إضافةً إلى الواجهة البحرية الممتدة على طول الساحل ونظام المواصلات الحديث الذي يربطها بسائر إمارات الدولة. ولا يفوتنا الإشارة أيضاً إلى الحوافز الاستثمارية والاقتصادية والاجتماعية المتميّزة التي تقدّمها الإمارة، على رأسها قيمة الإيجارات المنخفضة والبيئة الاستثمارية القائمة على الانفتاح والمرونة.

كيف تنظرون إلى مستقبل إمارة عجمان في السنوات الخمس المقبلة؟
بالنظر إلى الجهود الحثيثة نحو تحقيق "رؤية عجمان 2021" التي بدأت معالمها تظهر بشكل واضح من خلال الإنجازات المشرّفة ومؤشّرات الأداء الإيجابية التي تواصل الإمارة تحقيقها، إنّنا نتطلّع بعين المتفائل إلى مستقبل عجمان التي تنتظرها مرحلة انتقالية عنوانها التحوّل إلى اقتصاد أخضر قائم على المعرفة والابتكار، تدعمه بنية تحتية متطوّرة ترقى إلى أعلى المعايير العالمية. ونحن على ثقة تامة أن عجمان ستحقّق نقلةً نوعيةً على خارطة الاستثمار العالمي خلال السنوات القادمة لتصبح في مصاف الوجهات الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة. وسيكون التحوّل الذكي محور الاهتمام والتركيز في هذه المرحلة بالنظر إلى التحسين المستمر في الخدمات الذكية عبر الهيئات والدوائر الحكومية المختلفة، متسلّحةً بكادر بشري مواطن على درجة عالية من الكفاءة والمعرفة والابتكار.